الدكتورة عبلة المرزوق.. رحيل سندريلا المرقاب التي خلدها الوطن ومواقفها البطولية في الغزو

وفاة الدكتورة عبلة المرزوق

نعت الأوساط الكويتية والخليجية الناشطة الاجتماعية وطبيبة الجراحة والعناية المركزة الدكتورة عبلة خلف سعد المرزوق، التي رحلت عن عمر يناهز 68 عامًا، مخلفة وراءها سيرة عطرة ومسيرة نضال وطني واجتماعي تستحق أن تُروى.

كانت الدكتورة عبلة المرزوق، المعروفة بلقب “سندريلا المرقاب”، شخصية فريدة في المشهد الكويتي، تميزت بحضورها القوي في اللحظات المفصلية من تاريخ البلاد، لا سيما أثناء فترة الغزو العراقي للكويت، حيث وقفت بشجاعة في وجه العدوان، وأسهمت من موقعها في تعزيز الصمود الوطني، مسجلة مواقف لا تُنسى.

حظيت الراحلة بمكانة خاصة في قلوب الكويتيين والخليجيين عمومًا، إذ كانت صاحبة صوت وطني حر، عبّرت من خلاله عن انتمائها لوطنها الكويت، وولائها للقيادة، وحبها الصادق للمملكة العربية السعودية، التي كانت تصفها دومًا بأنها “وطنها الثاني”، قائلة: “كويتية وأحب السعودية”.

من هي الدكتورة عبلة المرزوق؟

وُلدت عبلة خلف سعد المرزوق في الكويت عام 1956، وتخرجت في كلية الطب بجامعة الكويت، حيث تخصصت في الجراحة العامة والعناية المركزة. خلال مسيرتها المهنية، عملت في عدد من المستشفيات الكويتية، وسرعان ما برزت ليس فقط بكفاءتها المهنية، بل أيضًا بإسهاماتها الاجتماعية والإنسانية.

أثناء الغزو العراقي عام 1990، كانت عبلة من بين القلائل الذين رفضوا مغادرة البلاد، وفضّلت البقاء لتقديم الدعم الطبي والإنساني للمتضررين. وشاركت في تنظيم حملات دعم للمصابين، وساهمت في إنشاء شبكة دعم مجتمعية لمساعدة العائلات المتأثرة.

بعد تحرير الكويت، تحولت إلى صوت مجتمعي بارز، حيث ركزت على قضايا تمكين المرأة، ودافعت بشراسة عن حقوقها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية. كما عملت في مجالات التوعية الاجتماعية، وأسست مبادرات لتثقيف النساء في القضايا الصحية والنفسية.

دورها في تعزيز الوحدة الخليجية

لم تكن الدكتورة عبلة منغلقة على الشأن المحلي، بل كانت تدرك أهمية العمل الخليجي المشترك، وعبّرت في مناسبات كثيرة عن دعمها لتعزيز الروابط الخليجية، معتبرة أن المصير الخليجي مشترك، وأن أمن واستقرار دول الخليج مترابط لا ينفصل.

شاركت في مؤتمرات خليجية عدة، وقدمت ورش عمل حول دور المرأة الخليجية في بناء مجتمعات مستقرة ومتقدمة. وكانت من بين أولى الشخصيات النسائية التي طالبت بتوحيد الجهود الإعلامية بين دول الخليج لمواجهة التحديات الإقليمية.

صاحبة الكلمة الحرة والموقف الثابت

عُرفت الدكتورة عبلة المرزوق بمواقفها الصريحة تجاه القضايا الوطنية والمجتمعية، وكانت حاضرة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل بصوت عقلاني حازم، تضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار. لم تتردد في نقد أي سلوك يهدد النسيج الوطني أو يقوّض قيم المجتمع.

كذلك، لم تغب عن المشهد الإنساني، إذ كانت من أوائل من يهبّون لتقديم المساعدة وقت الكوارث، سواء داخل الكويت أو خارجها، وشاركت في تنظيم حملات تبرع وإغاثة، خاصة في الأزمات الإنسانية التي طالت دولًا عربية وإسلامية.

وفاة سندريلا المرقاب

في صباح الأحد، نُقل خبر وفاة الدكتورة عبلة خلف المرزوق عن جريدة “الراي” الكويتية، وسط موجة من الحزن عمّت مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نعاه الآلاف من المواطنين، وعبّروا عن فقدان شخصية نادرة جمعت بين الطب والعطاء، بين المهنة والرسالة.

وقدمت جريدة “القبس” تعازيها، مشيدة بإرث الراحلة، ومؤكدة أنها كانت منارات الوطن في زمن الشدائد. وأشار كثير من الكُتّاب والمغردين إلى أن التاريخ سيذكرها كإحدى نساء الكويت الخالدات، اللواتي واجهن التحديات وكتبن أسماءهن بماء الذهب.

عبلة المرزوق في الذاكرة الوطنية

يبقى إرث الدكتورة عبلة المرزوق حاضراً في وجدان الكويتيين، ليس فقط بفضل مواقفها إبان الغزو، بل أيضًا بفضل تفانيها في خدمة الوطن في كافة الميادين. لقد كانت مثالاً للمرأة القوية، التي تجمع بين العلم والخلق، بين الوطنية والتفاني الإنساني.

وسيظل اسمها علامة مضيئة في صفحات التاريخ الكويتي، رمزًا للبطولة، وللشجاعة، ولصوت المرأة الحرة التي رفضت أن تكون مجرد رقم، فاختارت أن تكون أثرًا.

رحم الله الدكتورة عبلة المرزوق، وألهم أهلها وذويها وشعب الكويت الصبر والسلوان.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !