من هو محمد الغماري الذي استهدفته إسرائيل؟.. تفاصيل العملية وسيرته العسكرية

أثار إعلان وسائل إعلام إسرائيلية عن استهداف القيادي العسكري البارز في جماعة الحوثي اليمنية محمد الغماري حالة من الجدل والاهتمام الإقليمي والدولي، خاصة في ظل التصعيد المتزايد بين إسرائيل والمحور الإيراني الممتد من طهران إلى صنعاء. وتأتي هذه العملية، التي لم تؤكدها تل أبيب رسميًا حتى الآن، في سياق عمليات نوعية تستهدف قادة عسكريين يعتبرهم الجيش الإسرائيلي تهديدًا مباشرًا.

فمن هو محمد الغماري الذي وصفته إسرائيل بأنه “هدف عسكري مشروع”، ولماذا تضعه أجهزة استخباراتها في قائمة الشخصيات المستهدفة؟ هذا ما نكشفه بالتفصيل في هذا التقرير.

من هو محمد عبد الكريم الغماري؟

محمد عبد الكريم الغماري هو أحد أبرز القادة العسكريين في جماعة الحوثي باليمن، ويشغل حاليًا منصب رئيس هيئة الأركان العامة لقوات الجماعة. وُلد في عام 1984 في عزلة “ضاعن” بمديرية وشحة في محافظة حجة، شمال غرب اليمن، وهي منطقة معروفة بارتباطها الوثيق بالحركة الحوثية.

ترعرع الغماري في بيئة طائفية مشبعة بالأيديولوجيا الحوثية، حيث تلقى تعليمه العقائدي منذ التسعينيات في المراكز التي أسسها حسين بدر الدين الحوثي، الأب الروحي للجماعة. منذ سنوات شبابه، تم توجيهه نحو العمل العسكري والأمني، وشارك في مراحل مبكرة من النزاع ضد الدولة اليمنية.

دور محمد الغماري في جماعة الحوثي

برز الغماري في صفوف جماعة الحوثي كقائد ميداني في محافظات حجة والحديدة وصنعاء، وتدرّج سريعًا في المناصب العسكرية حتى أصبح أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في التخطيط وقيادة العمليات العسكرية.

في عام 2016، قام زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بتعيينه رئيسًا لهيئة الأركان الحوثية، ليصبح بذلك القائد الفعلي للمعارك على مختلف الجبهات، والمسؤول المباشر عن إعداد وتوجيه العمليات الهجومية، سواء داخل اليمن أو تلك التي استهدفت الأراضي السعودية لاحقًا.

علاقته بإيران وحزب الله

يُعد الغماري أحد أبرز القادة العسكريين في اليمن الذين تلقوا تدريبًا مكثفًا على يد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. وذكرت تقارير دولية أن الغماري خضع لدورات عسكرية وأمنية في لبنان عامي 2003 و2012، ثم تلقى تدريبات نوعية في إيران، شملت بناء أنظمة إطلاق صواريخ باليستية وتكتيكات الهجمات بعيدة المدى.

وتقول مصادر استخباراتية إن الغماري أشرف على بناء وحدات خاصة لإطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية الصنع التي استُخدمت لاستهداف مواقع داخل الأراضي السعودية والإماراتية.

أسباب استهداف محمد الغماري من قبل إسرائيل

وفقًا لتقارير صحفية إسرائيلية، فإن محمد الغماري يُعتبر شخصية محورية في التنسيق العملياتي بين جماعة الحوثي وطهران، ويُقال إنه لعب دورًا مباشرًا في التخطيط لهجمات على أهداف إسرائيلية باستخدام طائرات مسيّرة انطلقت من اليمن.

وأكدت وسائل إعلام عبرية أن العملية التي استهدفته تمت خلال اجتماع عسكري في العاصمة اليمنية صنعاء، مشيرة إلى أن إسرائيل رصدت تحركات الغماري واعتبرته هدفًا عالي القيمة، في إطار توجيه ضربات استباقية لعناصر تعتبرها تهديدًا وجوديًا.

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تؤكد إسرائيل مقتل الغماري، كما لم تُصدر جماعة الحوثي بيانًا رسميًا ينفي أو يؤكد إصابته أو مقتله.

تصنيف الغماري دوليًا

يُدرج محمد الغماري على قوائم العقوبات الدولية. ففي مايو 2021، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مباشرة عليه، ووصفت دوره بأنه مزعزع للاستقرار في اليمن والمنطقة، وجمّدت أصوله ومنعت أي تعاملات مالية معه.

كما أدرجته الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية على قوائم الإرهابيين المطلوبين، نتيجة مشاركته في التخطيط لهجمات استهدفت مدنيين والبنية التحتية، واستمرار دعمه للحوثيين في انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي.

ردود الفعل على أنباء استهداف محمد الغماري

تباينت ردود الفعل حول أنباء استهداف الغماري، ففي حين التزمت جماعة الحوثي الصمت حتى الآن، نقلت وسائل إعلام يمنية عن شهود عيان في صنعاء أن طائرات مسيّرة نفذت غارة دقيقة على موقع يُعتقد أن قادة عسكريين حوثيين كانوا مجتمعين فيه، بينهم الغماري.

في المقابل، اعتبر مراقبون سياسيون أن استهداف الغماري — إن تأكد — يُمثل تصعيدًا نوعيًا في الصراع الإقليمي بين إسرائيل ومحور طهران، خصوصًا بعد أن تبنت إسرائيل استراتيجية جديدة تقوم على مهاجمة وكلاء إيران في المنطقة بشكل مباشر، وليس الاكتفاء بردود الفعل المحدودة.

تصعيد إسرائيلي – إيراني في الخلفية

تأتي محاولة اغتيال الغماري ضمن سلسلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، فقد أعلنت تل أبيب مؤخرًا استهداف منشآت نووية وعسكرية إيرانية، وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية، بينما دخل الحوثيون على خط المواجهة بإطلاق مسيّرات باتجاه أهداف إسرائيلية.

هذا التصعيد المتسارع يُنذر بتوسّع رقعة المواجهة لتشمل جبهات جديدة مثل اليمن والعراق وسوريا ولبنان، في إطار حرب إقليمية مفتوحة يُستخدم فيها الوكلاء بشكل موسع.

مستقبل جماعة الحوثي بعد الغماري

في حال تأكد مقتل محمد الغماري، فإن جماعة الحوثي ستواجه فراغًا قياديًا في واحد من أهم مواقعها العسكرية. فالرجل لم يكن مجرد قائد ميداني، بل مهندس استراتيجي لمعظم العمليات العسكرية خلال السنوات الأخيرة.

وقد تندفع الجماعة إلى التصعيد كرد فعل، وهو ما قد يهدد المسارات السياسية في اليمن، ويزيد من حالة الاحتقان الإقليمي، خصوصًا في ظل فشل المبادرات الأممية في تحقيق أي اختراق جدي حتى الآن.

خاتمة

تبقى أنباء استهداف محمد الغماري — حتى في ظل غياب التأكيد الرسمي — مؤشّرًا واضحًا على تغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة، وعلى انتقال الصراع من مرحلة الحرب بالوكالة إلى الاستهداف المباشر لقادة الصف الأول. ويبدو أن الشرق الأوسط على موعد مع مرحلة جديدة من التصعيد الذي تتداخل فيه الجغرافيا بالأيديولوجيا، وتُرسم فيه الخطوط الحمراء بنيران الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !