حقيقة إعفاء مواليد السعودية من رسوم المرافقين
أثارت أخبار متداولة خلال الساعات الأخيرة الكثير من التساؤلات والارتباك بين المقيمين في المملكة العربية السعودية، بعد أن زعمت بعض الحسابات والمنصات الإخبارية صدور قرار رسمي بإعفاء مواليد السعودية من رسوم المرافقين.
وانتشرت هذه الأنباء بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في صفوف الجاليات المقيمة، وسط حالة من الترقب والرغبة في معرفة مدى صحة هذه المعلومات، ومدى ارتباطها بأي تحولات جديدة في أنظمة الإقامة والخدمات المرتبطة بها.
لكن كما هو الحال دائمًا مع الأخبار المتداولة حول الإقامات والرسوم، كان لا بد من التوجه للمصادر الرسمية للتأكد من مدى صحة “إعفاء مواليد السعودية من رسوم المرافقين”، وما إذا كان هذا الخبر مدعومًا بأي إعلان حكومي حقيقي أو مستند قانوني رسمي.
من أين بدأت الشائعة؟
بدأت الإشاعة بعد نشر بعض الصفحات الكبرى على منصات “إكس” و”فيسبوك” و”واتساب”، منشورات تشير إلى أن مديرية الجوازات السعودية قررت إعفاء كل من وُلد داخل المملكة من رسوم المرافقين، في خطوة قالت إنها تهدف إلى “دعم الأسر المقيمة والتخفيف عنهم”.
كما تم تداول خبر أن أبناء المرأة السعودية من زوج غير سعودي مشمولون بالإعفاء الكامل، إضافة إلى مواليد المملكة من جميع الجنسيات.
وانتشرت هذه الادعاءات بسرعة بين آلاف المتابعين الذين أعادوا النشر والتعليق، ما ساهم في تضخيم الفكرة بشكل جعلها تبدو كأنها قرار رسمي بالفعل.
الرد الرسمي.. الجوازات تنفي ولا يوجد أي قرار جديد
بحسب ما توصلت إليه منصة “المشهد”، وبعد مراجعة دقيقة لموقع وزارة الداخلية السعودية والإدارات التابعة لها، لم يُسجل أي إعلان رسمي يؤكد صدور قرار بإعفاء مواليد السعودية من رسوم المرافقين حتى لحظة كتابة هذا المقال.
ويُظهر موقع الإدارة العامة للجوازات أن الأنظمة المعتمدة للإقامة ورسوم المرافقين لم تشهد أي تعديلات جديدة تتعلق بمواليد المملكة أو أبناء المقيمات السعوديات من غير السعوديين، سوى ما هو منصوص عليه مسبقًا ضمن الفئات المستثناة قانونيًا.
من هي الفئات المعفاة رسميًا من رسوم المرافقين؟
وفق ما هو منشور حاليًا في صفحة “أنظمة وتعليمات الإقامة” التابعة لوزارة الداخلية السعودية، فإن الفئات المعفاة رسميًا من رسوم المرافقين والخدمات الحكومية تشمل ما يلي:
- زوجات المواطنين السعوديين من الجنسيات الأخرى، بشرط أن يكون لديهن إقامة نظامية.
- أبناء وبنات المرأة السعودية من زوج غير سعودي (فقط في حال نقل الخدمات إليها).
- الطلبة الوافدين الحاصلين على منح دراسية حكومية.
- الطلبة العسكريين المتدربين في المؤسسات التعليمية العسكرية بالمملكة.
وبالتالي فإن المواليد داخل المملكة من غير الفئات أعلاه، لا يُعفون من رسوم المرافقين تلقائيًا، بل يخضعون لنفس الأنظمة المعتمدة على المقيمين الآخرين، ما لم يصدر تعديل رسمي جديد من الجهات المعنية.
لماذا تكثر الشائعات حول رسوم المرافقين؟
لا شك أن رسوم المرافقين تُعد من الملفات الحساسة التي تهم شريحة واسعة من المقيمين في المملكة، خاصة العائلات التي تضم أبناءً مولودين في السعودية، وتتحمل سنويًا مبالغ كبيرة لقاء بقاء أبنائها كمرافقين.
وتُعد هذه الرسوم أحد أركان السياسة المالية التي تنتهجها الدولة في إطار تنظيم سوق العمل، وتحقيق التوازن بين التوظيف المحلي والوافد. ورغم أن هذه الرسوم تم تخفيفها أو تعديلها في بعض الفترات، إلا أن القرارات المتعلقة بها تصدر حصريًا عن مجلس الوزراء أو وزارة الداخلية، وتُنشر بشكل رسمي في الصحف والمواقع الحكومية.
موقف القانون من مواليد السعودية من غير السعوديين
من المهم التفريق بين الولادة على أراضي المملكة وبين التمتع بالحقوق القانونية للمواطنين أو المعفيين من رسوم.
فبحسب النظام السعودي، فإن الولادة داخل المملكة لا تمنح الطفل الجنسية أو الإعفاء التلقائي من الرسوم، ما لم يكن أحد الأبوين سعودي الجنسية. وبالتالي، فإن الأطفال المولودين لأبوين غير سعوديين يُعتبرون مرافقين ويُطبق عليهم النظام المالي المعتمد للإقامات.
كيف يتحقق المواطن أو المقيم من صحة الأخبار المتعلقة بالإقامة؟
في ظل الانتشار الكبير للشائعات، توصي وزارة الداخلية السعودية وجميع الجهات الرسمية باتباع الخطوات التالية للتأكد من صحة الأخبار:
- زيارة الموقع الرسمي لوزارة الداخلية أو الجوازات (absher.sa أو moi.gov.sa).
- متابعة البيانات الصحفية الرسمية الصادرة عن وزارة الإعلام أو وكالة الأنباء السعودية (واس).
- تجاهل المنشورات غير الموثقة على مواقع التواصل والتي لا تستند إلى مصدر رسمي.
- الاستعلام من خلال منصة “أبشر”، التي تتيح معرفة تفاصيل الإقامة ورسومها.
ردود أفعال المقيمين: أمل وإحباط
شكلت الأخبار المتداولة حول إعفاء مواليد السعودية من رسوم المرافقين بارقة أمل لكثير من العائلات التي كانت تأمل بتخفيف العبء المالي، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف المعيشة ورسوم الخدمات.
لكن بمجرد أن اتضح أن الأمر لا يعدو كونه شائعة غير مؤكدة، سادت مشاعر الإحباط والاستياء لدى كثير من المقيمين الذين أعربوا عن أملهم في أن تدرس الجهات المعنية مستقبلًا إمكانية تعديل النظام ليشمل حالات إنسانية خاصة.
ختامًا: في ظل كثرة الأخبار المتداولة حول إعفاء مواليد السعودية من رسوم المرافقين، تؤكد الوقائع والمصادر الرسمية أنه لا يوجد أي قرار رسمي حتى تاريخه يُعفي هذه الفئة من الرسوم المقررة.
لذا يُنصح كل من يهمه الأمر بتجنب الانسياق وراء الشائعات، ومتابعة فقط المنصات الحكومية المعتمدة للحصول على معلومات دقيقة حول الإقامة والرسوم والإعفاءات.
وبينما تبقى آمال المقيمين قائمة بإمكانية مراجعة هذه السياسات مستقبلًا، فإن المعيار الوحيد الذي يمكن الوثوق به في الوقت الحالي هو القرار الرسمي المنشور في الجريدة الرسمية أو مواقع الوزارات.