هل يجوز إخراج صدقة الفطر في العشر الأواخر من رمضان 1446 – 2025؟
مع حلول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ – 2025 م، يكثر تساؤل المسلمين حول إمكانية إخراج صدقة الفطر في العشر الأواخر. فمع قرب انتهاء الشهر الكريم، يسعى المسلمون إلى أداء زكاة الفطر، التي تعد طهرة للصائم وإعانةً للمحتاجين، ويبحث الكثيرون عن أفضل وقتٍ لأدائها وفقًا للسنة النبوية.
زكاة الفطر فرضها الإسلام على كل مسلم قادر، كبيرًا كان أو صغيرًا، ذكرًا أو أنثى، لتكون ختامًا لصيام شهر رمضان، وتمكينًا للفقراء من الاحتفال بعيد الفطر دون حاجة أو مسألة. ومع ذلك، يختلف العلماء حول توقيت إخراجها، فبينما يُفضل بعضهم إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، يرى آخرون جواز إخراجها خلال العشر الأواخر من رمضان، وهو ما سنناقشه بالتفصيل في هذا المقال.
في السطور القادمة، سنتعرف على ماهيّة زكاة الفطر، وحكمها، وتوقيتها، وفضل إخراجها في العشر الأواخر من رمضان، مع استعراض أقوال الفقهاء حول المسألة، ليتسنى لكل مسلم أداؤها على الوجه الصحيح الذي يحقق حكمتها ومقاصدها الشرعية.
ما هي زكاة الفطر؟
زكاة الفطر هي صدقة واجبة على كل مسلم قادر، تُخرج قبل صلاة عيد الفطر، وتعتبر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وتوسعةً على الفقراء والمساكين في يوم العيد.
وقد شُرعت زكاة الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وهي نفس السنة التي فُرض فيها صيام رمضان. يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-:
“فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” [رواه أبو داود وابن ماجه].
مقدار زكاة الفطر
المقدار الذي حددته السنة النبوية لزكاة الفطر هو صاع من الطعام مما يقتاته أهل البلد، أي ما يعادل 2.5 إلى 3 كيلوغرامات من الحبوب أو التمر أو الزبيب أو الشعير أو الأرز أو غيرها من الأقوات الأساسية.
ما هو حكم زكاة الفطر في الإسلام؟
أجمع علماء الأمة الإسلامية على وجوب زكاة الفطر، وهي فرض على كل مسلم قادر، بغض النظر عن العمر أو الجنس، كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-:
“فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين” [رواه البخاري ومسلم].
وقد ذكر الإمام ابن المنذر: “أجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء، إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال، الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر”.
هل يجوز إخراج صدقة الفطر في العشر الأواخر من رمضان 1446 – 2025؟
مع دخول العشر الأواخر من رمضان 1446 – 2025، يتساءل الكثير من المسلمين عن حكم إخراج زكاة الفطر خلال هذه الأيام المباركة. فزكاة الفطر عبادة واجبة تهدف إلى تطهير الصائم من التقصير في صيامه، وإدخال الفرح على قلوب الفقراء قبل يوم العيد. ورغم أن التوقيت المفضل لإخراجها يكون قبل صلاة العيد، إلا أن هناك اختلافًا بين الفقهاء حول جواز تقديمها خلال العشر الأواخر من رمضان. فهل يجوز إخراجها مبكرًا في هذه الأيام؟ وما هو الرأي الشرعي في ذلك؟ هذا ما سنوضحه في السطور التالية.
الرأي الأول: جواز إخراج زكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان
يرى بعض العلماء جواز إخراج زكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان، استنادًا إلى حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-:
“كانوا يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين” [رواه البخاري ومسلم].
واستدل هؤلاء العلماء بأنه إذا جاز إخراجها قبل العيد بيومين، فلا مانع من إخراجها قبل ذلك، خاصة إذا كان هناك حاجة ضرورية للفقراء والمساكين.
الرأي الثاني: جواز إخراجها من أول رمضان
يرى بعض الفقهاء، مثل أبي حنيفة والشافعية، أن زكاة الفطر يجوز إخراجها منذ بداية شهر رمضان، استنادًا إلى أن سبب وجوبها هو الصوم والفطر عنه، فإذا جاز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، فلا مانع من تقديمها في أي وقت من رمضان.
الرأي الثالث: عدم جواز إخراجها إلا قبل العيد مباشرة
يرى بعض العلماء، ومنهم الإمام مالك، أن إخراج زكاة الفطر لا يجوز إلا قبل صلاة العيد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حدد توقيتها قبيل العيد، ولأنها شرعت لإغناء الفقراء يوم العيد، فمن الأفضل تأخيرها حتى يستفيد منها المحتاجون في الوقت المناسب.
فضل العشر الأواخر من رمضان 1446 – 2025
تعد العشر الأواخر من رمضان من أعظم أيام الشهر الفضيل، حيث فيها ليلة القدر، التي قال الله -سبحانه وتعالى- عنها:
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 3].
فضائل العشر الأواخر من رمضان
- تحري ليلة القدر، التي تُغفر فيها الذنوب وتُرفع فيها الأعمال.
- تكثيف العبادة من صلاة وقيام وذكر واستغفار.
- الاعتكاف في المساجد، اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
- زيادة الصدقات والأعمال الصالحة، ومنها زكاة الفطر، إن كان إخراجها في هذه الفترة يحقق مصلحة أكبر للمحتاجين.
ختامًا: زكاة الفطر فريضة شرعها الإسلام طهرةً للصائم، وتوسعةً على الفقراء والمساكين، وهي واجبٌ على كل مسلم قادر، تؤدى قبل صلاة العيد لتحقيق مقاصدها. وقد اختلف العلماء حول توقيت إخراجها، فبينما يرى بعضهم جواز تقديمها في العشر الأواخر من رمضان، يرى آخرون أنه لا يجوز إخراجها إلا قبل العيد بيوم أو يومين، والأفضل الالتزام بالرأي الذي يحقق مصلحة الفقراء والمحتاجين.
ومع دخول العشر الأواخر من رمضان، يجدر بالمسلم الاجتهاد في العبادة، والإكثار من الصدقات، وتحري ليلة القدر، فهذه الأيام أيام مباركة، يضاعف الله فيها الأجر والثواب.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، وأن يوفقنا لإخراج زكاة الفطر في وقتها الشرعي، تحقيقًا لمرضاة الله -عز وجل-.