مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك 1446هـ، يزداد شغف المسلمين حول العالم بتحري ليلة القدر، تلك الليلة التي وصفها الله عز وجل بأنها “خير من ألف شهر”. ويُرجَّح وقوعها في إحدى الليالي الوترية من العشر الأواخر، ومنها ليلة الحادي والعشرين من رمضان. ولهذا السبب، استحوذ شروق شمس يوم الأحد 21 رمضان 1446 هـ الموافق 21 مارس/آذار 2025، على اهتمام واسع من قبل المسلمين الذين حرصوا على مراقبة السماء فجراً، بحثًا عن إحدى أبرز علامات ليلة القدر، وهي طلوع الشمس بلا شعاع.
لماذا تُراقب شمس 21 رمضان تحديدًا؟
تُشير الأحاديث النبوية الشريفة إلى أن من علامات ليلة القدر أن تشرق شمس صبيحتها “بيضاء لا شعاع لها”، كما جاء في حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه: “وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها، كأنها طست حتى ترتفع” (رواه مسلم). ولهذا، فإن مراقبة شروق الشمس في اليوم التالي لكل ليلة وترية من العشر الأواخر، أصبح سُنّة غير مباشرة يتبعها الكثيرون من المؤمنين لتحري الليلة المباركة.
رصد شروق الشمس في 21 رمضان 2025
في صباح يوم الجمعة 21 رمضان 1446هـ، تداول الآلاف من المسلمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو لشروق الشمس، خاصة من دول الخليج العربي، ومصر، وشمال إفريقيا. وقد تباينت الآراء والتقارير بخصوص شكل الشمس في هذا اليوم:
في بعض المناطق: أفاد مراقبون أن الشمس كانت تظهر بشكل ناعم ومستدير دون شعاع حاد، مع ضباب خفيف يحيط بها، مما أضفى عليها طابعًا غير معتاد. وقد دعم هذا المشهد الاعتقاد بأنها قد تكون صبيحة ليلة القدر.
في مناطق أخرى: ظهرت الشمس بشكل طبيعي إلى حد ما، مع وجود شعاع مرئي، وإن كان ضعيفًا. مما جعل البعض يستبعد أن تكون ليلة 21 هي ليلة القدر لهذا العام.
من الصعب الجزم يقينًا بأن ليلة الحادي والعشرين من رمضان كانت ليلة القدر، وذلك لأسباب شرعية وعقلية معًا:
شرعيًا: لم يُحدد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر بشكل قاطع، بل حثنا على تحريها والاجتهاد في العبادة خلال العشر الأواخر، وخصّ الليالي الوترية بأهمية خاصة.
عقليًا: اختلاف الرؤية من منطقة لأخرى، وتأثر الأجواء بعوامل مناخية (كالغيوم والرطوبة والغبار) يجعل من الصعب الاعتماد فقط على شروق الشمس كعلامة قطعية.
شروق شمس ٢١ رمضانشروق شمس ٢١ رمضانشروق شمس ٢١ رمضان
الحكمة من إخفاء ليلة القدر
لقد أخفى الله تعالى ليلة القدر عن عباده لحكمة عظيمة، وهي أن يجتهد المؤمن في العبادة والطاعة طيلة العشر الأواخر، لا في ليلة واحدة فقط. ولو عُرفت ليلة القدر بيقين، لتكاسل كثير من الناس عن الاجتهاد في غيرها من الليالي. وهذا ما يؤكده حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان”.
فضائل ليلة القدر
أجرها مضاعف: قيامها خير من عبادة ألف شهر (أكثر من 83 سنة).
نزول الملائكة: قال تعالى: “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا”، أي أن الملائكة تتنزل بالبركة والرحمة.
مغفرة الذنوب: من قامها إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه.
تحقيق الأمنيات: الدعاء فيها مستجاب، وقد تتغير فيها الأقدار.
ماذا يفعل المسلم في هذه الليالي؟
الواجب على المسلم في هذه الليالي العظيمة ألا يتوقف عن الاجتهاد والعبادة مهما ظنّ أنه أدرك ليلة القدر. والأعمال المستحبة تشمل:
قيام الليل: بصلاة التراويح والتهجد.
الدعاء: وأفضل دعاء فيها ما علّمته عائشة للنبي ﷺ: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
قراءة القرآن: فهو ليلة نزل فيها القرآن، فتلاوته فيها من أعظم القربات.
الصدقة: فالأجر مضاعف في هذه الليلة المباركة.
رأي العلماء حول تحري ليلة القدر بالشمس
أجمع العلماء على أن تحري شروق الشمس هو إحدى العلامات، لكنها ليست العلامة الوحيدة ولا يُعتمد عليها وحدها. بل الأهم هو العبادة، لأن العبرة ليست بليلة القدر في ذاتها، بل بما يجنيه العبد من قرب لله فيها. كما أن عدم ظهور العلامة لا يعني أن الليلة لم تكن ليلة القدر.
ختاماً
تحري شروق شمس 21 رمضان 2025 أثار اهتمام الملايين، وفتح باب التأمل والتساؤل حول احتمال أن تكون هذه الليلة المباركة قد وقعت بالفعل. ورغم أن بعض العلامات كانت حاضرة، إلا أن الجزم لا يمكن أن يتم بناءً على ذلك فقط.
لذا، على كل مسلم أن يواصل الاجتهاد في العبادة والدعاء في كل الليالي المتبقية، وأن يتعامل مع كل ليلة من العشر الأواخر على أنها ليلة القدر. فكم من ليلة مرت وكانت عظيمة في السماء، ولم نشعر بها في الأرض، لأن قلوبنا لم تكن مهيأة لاستقبال بركاتها.
اللهم بلغنا ليلة القدر، واكتب لنا فيها العفو والرضا والقبول.
محررة لغة ثانية خبيرة في تحرير ومراجعه النصوص بلغة أجنبية، تمتلك إتقانًا ممتازًا للغة العربية والإنجليزية،لديها دراية واسعة بقواعد اللغة وثقافتها، قادرة على ترجمة النصوص بدقة واحترافية، وتمتع بمهارات تحريرية ممتازة في كلتا اللغتين.
نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.
