ما هي ليلة الجهني؟ ولماذا تسمى ليلة 23 رمضان بليلة الجهني؟
ليلة 23 من رمضان، إحدى الليالي الوترية في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، تُعرف لدى بعض المسلمين بـ”ليلة الجهني”، وهي من الليالي التي يُحتمل أن تكون ليلة القدر، التي قال الله عنها: “ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر”. وقد ارتبطت هذه الليلة تحديدًا باسم الصحابي عبد الله بن أنيس الجهني، ما جعلها محطّ اهتمام كثير من الباحثين والمهتمين بتاريخ الإسلام وفضائل العشر الأواخر من رمضان.
من هو عبد الله الجهني؟
عبد الله بن أنيس الجهني، صحابي جليل من قبيلة جهينة، كان من الذين لازموا النبي محمد ﷺ، وقد ورد عنه حديثٌ شهير يتعلق بليلة القدر. كان عبد الله الجهني يعيش في البادية، وجاء ذات مرة إلى النبي ﷺ يسأله أن يدله على ليلة القدر ليخصها بالقيام والدعاء، فقال له النبي ما معناه: “قم ليلة ثلاث وعشرين”، ومنذ ذلك الحين، عُرف عن الجهني أنه يخص هذه الليلة بالعبادة والاجتهاد دون غيرها.
لماذا سُميت ليلة 23 رمضان بـ”ليلة الجهني”؟
جاءت التسمية نسبة إلى عبد الله الجهني، الذي خصَّ ليلة 23 رمضان بالاعتكاف والقيام التام في مسجد النبي ﷺ، بعد أن أوصاه النبي بذلك سرًا. وقد لاحظ الصحابة أن الجهني لا يغادر المسجد في تلك الليلة، مما دفعهم للربط بين تصرفه هذا وبين وصية النبي، فأطلقوا على ليلة 23 اسم “ليلة الجهني”، أي الليلة التي التزم فيها الصحابي بقيامها معتقدًا أنها ليلة القدر.
ما صحة الحديث المتعلق بليلة الجهني؟
أخرج الإمام مسلم في صحيحه رواية عن عبد الله بن أنيس قال فيها:
“أُريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأُراني صُبْحها أسجد في ماء وطين”، قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله ﷺ، فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه”.
وفي رواية أخرى، سأله أحد أولاده: كيف كان يصنع والدك في تلك الليلة؟ قال: “كان يدخل المسجد بعد صلاة العصر، ولا يخرج منه لحاجة حتى يصلي الصبح، ثم يجد دابته على باب المسجد فيعود إلى البادية”.
هل ليلة 23 رمضان هي ليلة القدر؟
رغم أن ليلة القدر مخفية بين الليالي الوترية من العشر الأواخر، إلا أن عددًا من الصحابة والسلف الصالح كانوا يرجحون ليلة 23 تحديدًا، ومنهم عبد الله بن أنيس الجهني، لما ورد من أحاديث تشير إلى مطابقة أوصاف ليلة القدر في تلك الليلة.
مع ذلك، فإن الحكمة في إخفاء ليلة القدر، كما ورد في أقوال العلماء، هي حث المسلمين على الاجتهاد في العبادة خلال جميع ليالي العشر الأواخر، وليس الاقتصار على ليلة بعينها.
ما يقال في ليلة الجهني – ليلة 23 رمضان
من الأدعية المستحبة في هذه الليلة ما رواه الإمام الترمذي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
“قلت يا رسول الله: أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
ومن الأدعية الجميلة أيضًا:
- “اللهم بلغنا ليلة القدر واجعلنا فيها من عتقائك من النار”.
- “اللهم إن كانت هذه ليلة القدر، فاقسم لنا فيها خير ما قسمت، واختم لنا في قضائك خيرًا مما ختمت”.
فضل قيام ليلة 23 رمضان
من فضائل ليلة 23 رمضان – سواء كانت ليلة القدر أم لا – أنها ضمن العشر الأواخر، التي كان النبي ﷺ يجتهد فيها بالصلاة والدعاء أكثر من غيرها. فقد ورد عن السيدة عائشة أنها قالت:
“كان رسول الله إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله” (رواه البخاري ومسلم).
ومن المستحب في هذه الليلة:
- صلاة التهجد والإكثار من النوافل.
- قراءة ما تيسر من القرآن الكريم.
- الإلحاح بالدعاء والتضرع.
- إخراج الصدقات.
- الاعتكاف لمن استطاع.
هل ما زال يُطلق على ليلة 23 اسم “ليلة الجهني” في المدينة المنورة؟
نعم، لا تزال بعض المناطق، خاصة في المدينة المنورة ومحيطها، تطلق على ليلة 23 من رمضان اسم ليلة الجهني، تخليدًا لقصة عبد الله بن أنيس، التي توارثها أهل المدينة جيلًا بعد جيل. وهي تعتبر جزءًا من التراث الديني الذي يعكس ارتباط المسلمين بالسنة النبوية والتاريخ الإسلامي.
ختاماً:
ليلة الجهني هي اسم أُطلق على ليلة 23 من رمضان، نسبة للصحابي عبد الله بن أنيس الجهني، الذي أخبره النبي ﷺ سرًا بليلة القدر، فخص هذه الليلة بالعبادة والاعتكاف. وعلى الرغم من أن ليلة القدر مخفية بين الليالي العشر الأواخر، إلا أن ليلة 23 لها منزلة خاصة في قلوب الكثير من المسلمين، ويرجى فيها الفضل والثواب العظيم.