هند صبري بين قافلة الصمود وحملات التشكيك: القصة الكاملة

تعيش الساحة الفنية والثقافية في مصر حالة من الجدل العنيف والانقسام، بعد أن تحولت الفنانة هند صبري إلى “حديث الساعة” إثر دعمها لـ”قافلة الصمود”، التي أُطلقت لدعم الفلسطينيين في غزة، ما أدى إلى حملة شرسة ضدها وصلت حد المطالبة بترحيلها من البلاد، رغم تاريخها الطويل في السينما المصرية ومكانتها الكبيرة في قلوب الجماهير.

وبين اتهامات بالخيانة ونداءات للإقصاء، خرج عدد من أبرز صناع الفن والنقد في مصر ليدافعوا عن هند صبري، معتبرين أن ما تتعرض له هو “اغتيال معنوي مدفوع الأهداف”، واصفين الحملة بأنها تجاوزت حدود الرأي إلى محاولة لتكميم الأفواه والتشكيك في النوايا.

ما هي قافلة الصمود؟ ولماذا أثارت الجدل؟

قافلة الصمود هي مبادرة إنسانية انطلقت لدعم المدنيين المحاصرين في قطاع غزة، وشارك فيها عدد من الفنانين والمثقفين العرب، من بينهم هند صبري، التي أبدت تضامنها الإنساني مع الضحايا، وشاركت عبر وسائل التواصل الاجتماعي منشورات تدعو للدعم والتبرع والإغاثة.

لكن مشاركتها هذه فجّرت حملة شرسة من الانتقادات، ركّز بعضها على أنها ليست “مصرية الأصل”، رغم حصولها على الجنسية منذ سنوات، وطالب البعض الآخر بترحيلها باعتبار أن مواقفها “سياسية” ومخالفة لمواقف معينة.

طارق الشناوي: “هند تتعرض لاغتيال معنوي”

الناقد الفني طارق الشناوي، أحد أبرز الأقلام النقدية في مصر، نشر عبر حسابه الشخصي على فيسبوك منشورًا شديد اللهجة وصف فيه الحملة ضد هند صبري بأنها:

“قصة وهمية ولعبة مكشوفة ومحاولة ساذجة لاغتيال هند صبري معنوياً”.

وطالب الشناوي بتدخل نقيب الممثلين أشرف زكي بشكل عاجل للكشف عن حقيقة الحملة، التي قال إنها لا تتعلق برأي عام حقيقي، بل بمحاولة لتصفية الحسابات الفكرية مع الفنانين الذين يحملون مواقف إنسانية مختلفة.

يسري نصر الله: “هذا إرهاب ناعم لكل من يختلف معنا”

أما المخرج الكبير يسري نصر الله، فقد اعتبر أن ما يحدث مع هند صبري يندرج تحت مسمى “الإرهاب الناعم”، مشيرًا إلى أن هناك محاولة لتخويف كل من يعبّر عن رأي مستقل.

وقال في منشور على فيسبوك:

“جو إرهاب كل من يختلف معاك هو أكبر إساءة ممكن توجهها لمصر وللمصريين”.

وأضاف: “هند صبري من أصدق وأجمل الفنانات اللي اشتغلت معاهم، حبها لمصر صعب جدًا يتشَكّك فيه”.

أمير رمسيس: “اتهامها بالخيانة حماقة”

المخرج أمير رمسيس عبّر عن دعمه المطلق لهند صبري، مؤكدًا أن:

“الثقة في حبها لمصر لا تقل عن ثقته في نفسه”.

ووصف من يطالبها بالرحيل بأنه يرتكب “حماقة مزدوجة”، معتبرًا أن الحملة ضدها لا تعبر عن جمهور حقيقي، بل عن خطاب إلكتروني متطرف يرفض التعددية والانتماء المركب.

محمد العدل: “لا أحد يملك تقييم هند صبري”

من جانبه، قال المنتج محمد العدل المعروف بمواقفه الليبرالية:

“هند صبرى ليست في موضع التقييم من حيث انتماءاتها، مصرية تونسية وطنية بامتياز، لا تزايدوا عليها”.

وجاءت كلماته كصفعة مباشرة لكل من يحاول التشكيك في وطنيتها، خاصة أن الفنانة التونسية المولد حصلت على الجنسية المصرية منذ سنوات، وقدّمت عشرات الأعمال التي شكلت الوجدان الثقافي في مصر.

هل تجاوزنا الحدود في التعامل مع الفنانين؟

يرى مراقبون أن الهجوم على هند صبري يعكس حالة احتقان في الخطاب العام، حيث لم يعد التعبير عن الرأي أو حتى التضامن الإنساني مسموحًا به دون محاسبة “هوية” من يعبّر عنه.

الناشطة الحقوقية دينا حسين اعتبرت أن هذه الحملات “ليست سوى تذكير بأننا لا نزال نعيش في مناخ يُحاسِب الأشخاص بناء على أصولهم، لا على مواقفهم”.

وأكدت في تصريحات صحفية: “تونس ومصر بلد واحد، والمواطنة لا تُختبر بالشعارات بل بالمسيرة، ومسيرة هند صبري في مصر لا يمكن إنكارها”.

هند صبري.. أكثر من مجرد ممثلة

إنجازات وسجل فني حافل:

  • قدمت أكثر من 40 عملاً سينمائيًا ودراميًا في مصر.
  • كانت سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
  • حصلت على جوائز من مهرجانات عربية ودولية.
  • دعمت قضايا المرأة واللاجئين في أكثر من مناسبة.
  • هي عضوة فاعلة في المجتمع المدني والثقافي المصري.

كيف يمكن بعد كل هذا السجل وصفها بأنها “غير وطنية” أو “غير مصرية”؟ يتساءل كثر.

ختاماً

قضية هند صبري لم تعد مجرد خلاف على رأي، بل أصبحت مرآة تعكس خللاً عميقًا في طريقة تعامل المجتمع مع الفنان والفكر والرأي المختلف. في زمن يُفترض أن يكون فيه الفن هو المساحة الحرة للتعبير والتلاقي، يبدو أننا نعود خطوات إلى الوراء، لنُمارس محاكم تفتيش إلكترونية لا ترحم.

وفي المقابل، يقف فنانون ومفكرون إلى جانب صوت العقل، مؤكدين أن الاختلاف لا يُقصي، والانتماء لا يُحدد بالجنسية فقط، بل بالحب والولاء الحقيقي للناس والثقافة.

رانيا سعيد

محررة لغة ثانية خبيرة في تحرير ومراجعه النصوص بلغة أجنبية، تمتلك إتقانًا ممتازًا للغة العربية والإنجليزية،لديها دراية واسعة بقواعد اللغة وثقافتها، قادرة على ترجمة النصوص بدقة واحترافية، وتمتع بمهارات تحريرية ممتازة في كلتا اللغتين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !