ماذا نعرف عن «القبة الذهبية» التي أعلن عنها ترمب؟ مشروع دفاعي بمليارات الدولارات يثير الجدل العالمي

في خطوة مثيرة للجدل ومليئة بالوعود التقنية الضخمة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الأسبوع الأول من ولايته الثانية عن إطلاق مشروع دفاعي جديد تحت اسم “القبة الذهبية”، بتكلفة مبدئية تصل إلى 175 مليار دولار، كدرع صاروخي متعدد الأنظمة يهدف إلى التصدي للجيل التالي من التهديدات الجوية والصاروخية.

هذا المشروع يُعد من أكثر الخطط الدفاعية طموحًا في تاريخ الولايات المتحدة، ويأتي في سياق تصاعد التهديدات الجيوسياسية من قوى كبرى مثل الصين وروسيا، وكذلك من دول مثل إيران وكوريا الشمالية. فهل نحن أمام مشروع واقعي، أم مجرد إعادة إحياء لحلم “حرب النجوم” الشهير في الثمانينات؟

تفاصيل مشروع القبة الذهبية الطموح الأميركي الجديد

خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، كشف ترمب عن ملامح المشروع الجديد، مؤكدًا أن القبة الذهبية ستكون “درعًا صاروخية لا مثيل لها في العالم”، وقادرة على صد الهجمات من أي مكان على وجه الأرض، بل ومن الفضاء أيضًا.

وصرّح قائلاً:

“خلال الحملة الانتخابية وعدتُ الشعب الأميركي بدرع صاروخية متطورة، واليوم أُعلن رسميًا عن اختيار الهيكلية الخاصة بالقبة الذهبية.”

القيادة والإدارة:

سيتولى الجنرال مايكل غيتلاين من قوة الفضاء الأميركية الإشراف على المشروع، مما يشير إلى أن الجانب الفضائي سيكون عنصرًا محوريًا في التصميم.

التمويل والتكلفة:

  • التمويل الأولي: 25 مليار دولار
  • التكلفة الإجمالية المقدرة: 175 مليار دولار
  • تقديرات أخرى من مكتب الميزانية في الكونغرس: قد تتراوح بين 161 إلى 542 مليار دولار خلال 20 عامًا، تبعًا لنطاق المشروع وتكلفة الصواريخ الاعتراضية.

مكونات القبة الذهبية: كيف ستعمل؟

بحسب تصريحات الرئيس ترمب ووزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، تتكون منظومة القبة الذهبية من:

  • رادارات وأجهزة استشعار فضائية متطورة قادرة على رصد الصواريخ منذ لحظة إطلاقها.
  • صواريخ اعتراضية متقدمة، بعضها مخصص للتعامل مع الصواريخ فرط الصوتية (Hypersonic).
  • توزيع الأنظمة براً وبحراً وجواً، بما في ذلك السفن الحربية والطائرات المقاتلة والمركبات الفضائية.

الهدف الأساسي:

حماية الولايات المتحدة من الصواريخ:

  • الباليستية العابرة للقارات.
  • كروز.
  • فرط الصوتية.
  • المسيّرات عالية التدمير.

المقارنة مع القبة الحديدية الإسرائيلية

رغم التشابه في التسمية، تختلف “القبة الذهبية” عن “القبة الحديدية” الإسرائيلية من حيث الحجم والوظيفة:

القبة الحديدية القبة الذهبية
تحمي إسرائيل من الصواريخ قصيرة المدى تحمي الولايات المتحدة من الصواريخ الباليستية وفرط الصوتية
تغطي نطاقًا جغرافيًا محدودًا تغطي مساحة هائلة داخل وخارج الأرض
تكلفة منخفضة نسبيًا تكلفة ضخمة تتجاوز 175 مليار دولار
دخلت الخدمة عام 2011 متوقع أن تدخل الخدمة خلال 3 سنوات

ويُشبه المحللون الفارق بينهما بالفارق بين قارب الكاياك وبارجة حربية.

المواقف الدولية: روسيا والصين ترفض وتحذر

المشروع لم يمر مرور الكرام، فقد جاء الرد من القوى العظمى سريعًا:

  • روسيا وصفت القبة الذهبية بأنها “نسخة جديدة من مشروع حرب النجوم”، واعتبرتها تهديدًا لاستقرار الأمن الدولي.
  • الصين أعربت عن رفضها لتحويل الفضاء إلى ميدان صراع عسكري.
  • بيان مشترك من موسكو وبكين أشار إلى أن المشروع يهدف إلى العسكرة الكاملة للفضاء، ويخالف القوانين الدولية.

التحديات أمام تنفيذ المشروع

رغم الطموح العالي، يواجه المشروع عدة تحديات، أبرزها:

1. التكلفة الضخمة:

الميزانية المقترحة تصل إلى ما يعادل ربع موازنة الدفاع الأميركية السنوية، ما قد يعرقل التمويل المستدام.

2. البنية التحتية والتكامل:

عدم وضوح كيفية التعاون بين الجهات المختلفة مثل:

  • وكالة الدفاع الصاروخي
  • قوة الفضاء الأميركية
  • الجيش والبحرية والقوات الجوية

3. الجدوى الفعلية:

يرى عدد من الخبراء أن التكنولوجيا الحالية قد لا تكفي لتحقيق النتائج التي يطمح إليها ترمب، وأن النظام سيكون عرضة للثغرات في حال شنّ هجوم معقد متعدد الاتجاهات.

هل تحتاج الولايات المتحدة إلى “القبة الذهبية”؟

من الناحية العسكرية، ترى وزارة الدفاع الأميركية أن:

  • الصين وروسيا تطوران صواريخ أسرع وأكثر دقة.
  • كوريا الشمالية وإيران لديهما قدرات باليستية متقدمة.
  • التهديد من المسيّرات والهجمات السيبرانية في تزايد.

الوثيقة الرسمية “Missile Defense Review 2022”:

  • دعت إلى توسيع الدفاعات الصاروخية الأميركية.
  • أشارت إلى أهمية تكامل المنظومات متعددة المجالات.
  • حذرت من “تنامي خطر الصواريخ الدقيقة والفرط صوتية”.

رأي الخبراء بين الترحيب والتحفظ

مؤيدون:

  • يرون أن المشروع ضرورة استراتيجية لتعزيز قدرة الردع الأميركية.
  • يُقارنونه بـ “مشروع مانهاتن” النووي في أهميته الجيوسياسية.

معارضون:

  • يشككون في الجدوى الفنية والاقتصادية.
  • يرون أن المبلغ قد يُستثمر في تقنيات دفاعية أكثر فاعلية، مثل أنظمة السايبر والطائرات دون طيار.

ماذا بعد الإعلان؟

من المنتظر أن تبدأ:

  • المرحلة الأولى من التطوير خلال 2025.
  • التشغيل التجريبي خلال 3 سنوات.
  • انضمام حلفاء مثل كندا وربما دول أوروبية.

كما ستخضع الخطة للمراجعة من الكونغرس الأميركي، مما يعني أن القرار النهائي قد يتأثر بالصراعات الحزبية والسياسية.

ختامًا: يمثل مشروع القبة الذهبية واحدة من أكثر الخطط الطموحة في تاريخ الدفاع الأميركي الحديث. وبينما يشيد البعض بها كخطوة تاريخية لضمان الأمن القومي الأميركي، يحذر آخرون من مخاطرها المالية والسياسية والدبلوماسية.

الأسابيع المقبلة ستكشف ما إذا كان هذا المشروع سيمضي قدمًا كما هو مخطط، أم أنه سيلقى مقاومة شرسة من الكونغرس والمجتمع الدولي، وربما يعيد جدل “حرب النجوم” إلى الساحة من جديد.

عبدالرحمن أحمد

مُبدعٌ ومحرّرٌ مُتقنٌ يتمتع بخبرة واسعة في صياغة النصوص بمختلف أشكالها ووموضوعاتها، يُجيدُ فنّ صناعةِ المحتوى بمهاراتٍ تُضفي على كلماته رونقًا خاصًا، فتُلامسُ مشاعرَ القارئِ وتُثيرُ تفكيره، يُحرّرُ النصوصَ بدقةٍ وعنايةٍ فائقةٍ، فيصحّحُ الأخطاءَ اللغويةَ والنحويةَ ويحسّنُ من وضوحِ المعنى وسلاسةِ الأسلوب، ملتزمٌ بالجودةِ العالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !